admin Admin
عدد المساهمات : 10 نقاط : 27 دعاء : 0 تاريخ التسجيل : 14/10/2011 العمر : 41 الموقع : https://hsin-1.rigala.net
| موضوع: نهج البلاغه السبت أكتوبر 15, 2011 3:03 am | |
| وفيها ذكر الحجّ وتحتوي على حمد الله، وخلق العالم، وخلق الملائكة، واختيار الأنبياء، ومبعث النبي، والقرآن، والأحكام الشرعية.
الحَمْدُ للهِ الَّذِي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ، وَلاَ يُحْصِى نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ، وَلاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ المُجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلاَ وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلاَ أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَر[49] الْخَلائِقَ بِقُدْرَتِهِ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ وَوَتَّدَ [50] بالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِه[51] .
أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الإخلاص لَهُ، وَكَمَالُ الإخلاص لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَة أَنَّها غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوف أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ. فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ، وَمَنْ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ. وَمَنْ قَالَ «فِيمَ ؟» فَقَدْ ضَمَّنَهُ ، وَمَنْ قَالَ «عَلاَمَ ؟» فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ. كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَث[52] ، مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَم. مَعَ كُلِّ شيء لاَ بِمُقَارَنَة، وَغَيْرُ كُلِّ شيء لاَ بِمُزَايَلَة[53] ، فَاعِلٌ لاَ بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ والآلة بَصِيرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ ، مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ.
خلق العالم
أَنْشَأَ الْخَلْقَ إنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلاَ رَوِيَّة[54] أَجَالَهَا، وَلاَ تَجْرِبَة اسْتَفَادَهَا، وَلاَ حَرَكَة أَحْدَثَها، وَلاَ هَمَامَةِ[55] نَفْس اضْطَرَبَ فِيهَا. أَحَالَ الأشياء لأوقاتها، وَلأمَ[56] بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا، وَغَرَّزَ[57] غَرائِزَهَا، وَألْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا ، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا ، مُحِيطاً بِحُدُودِها وَانْتِهَائِهَا، عَارفاً بِقَرائِنِهَا، وَأَحْنَائِهَا[58] (أجنائها). ثُمَّ أَنْشَأَ ـ سُبْحَانَهُ ـ فَتْقَ الأجواء، وَشَقَّ الأرجاء وَسَكَائِكَ[59] الْهَوَاءِ، فَأَجْرَى (أجاز) فِيهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَيَّارُه ُ[60]مُتَرَاكِماً زَخَّارُه[61] . حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ، واَلزَّعْزَعِ[62] الْقَاصِفَةِ، فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ، وَسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ، وَقَرَنَهَا إلَى حَدِّهِ. الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِها فَتِيقٌ[63]، وَالْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ[64]. ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا[65]، وَأَدَامَ مُرَبَّهَا[66]، وَأَعْصَفَ مَجْرَاها، وَأَبْعَدَ مَنْشَاهَا، فَأَمَرَها بِتَصْفِيقِ[67] الْمَاءِ الزَّخَّارِ، وَإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ، فَمَخَضَتْهُ[68] مَخْضَ السَّقَاءِ وَعَصَفَتْ بهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ. تَرُدُّ أَوَّلَهُ إلَى آخِرِهِ، وَسَاجِيَهْ (ساكنه) [69] إلَى مَائِرِهِ[70] ، حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ، وَرَمَى بالزَّبَدِ رُكَامُهُ[71]، فَرَفَعَهُ في هَواء مُنْفَتِق ، وَجَوٍّ مُنْفَهِق[72] ، فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَمَاوَات، جَعَلَ سُفْلاَهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً[73]، وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَسَمْكاً مَرْفُوعاً، بِغَيْرِ عَمَد يَدْعَمُهَا وَلاَ دِسَار[74]يَنْظِمُهَا. ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَواكِبِ، وَضِيَاءِ الثَّواقِبِ[75]، وَأَجْرَى فِيهَا سِرَاجاً مُسْتَطِيراً[76]، وَقَمَراً مُنِيراً في فَلَك دَائِر، وَسَقْف سَائِر، وَرَقِيم[77] مَائِر.
خلق الملائكة
ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ الْعُلاَ، فَمَلاََهُنَّ أَطْواراً مِنْ مَلائِكَتِهِ، مِنْهُمْ سُجُودٌ لاَ يَرْكَعُونَ، وَرُكُوعٌ لاَ يَنْتَصِبُونَ، وَصَافُّونَ[78] لاَ يَتَزاَيَلُونَ[79] ، وَمُسَبِّحُونَ لاَ يَسْأَمُونَ، لاَ يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ، وَلاَ سَهْوُ الْعُقُولِ، وَلاَ فَتْرَةُ الأبْدَانِ، وَلاَ غَفْلَةُ النِّسْيَانِ. وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ، وأَلْسِنَةٌ إلَى رُسُلِهِ، وَمُخْتَلِفُونَ (متردّدون) بِقَضَائِهِ وَأَمْرِهِ، وَمِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَالسَّدَنَةُ (السَّنَدَة) [80] لأبواب جِنَانِهِ. وَمِنْهُمُ الثَّابِتَةُ في الأرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ، وَالْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ، وَالْخَارِجَةُ مِنَ الأقطار أَرْكانُهُمْ، وَالْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ. نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ، مُتَلَفِّعُونَ[81] تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ، وَأَسْتَارُ الْقُدْرَةِ. لاَ يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بالتَّصْوِيرِ، وَلاَ يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ (المخلوقين)، وَلاَ يَحُدُّونَهُ بالأماكن، وَلاَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ.
صفة خلق آدم عليه السلام
ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ[82] الأرض وَسَهْلِهَا، وَعَذْبِهَا وَسَبَخِهَا[83]، تُرْبَةً سَنَّهَا (سنّاها) [84] بالْمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ، وَلاَطَهَا[85] بِالْبَلَّةِ[86] حَتَّى لَزَبَتْ[87]، فَجَبَلَ مِنْهَا صُورَةً ذاتَ أَحْنَاء[88] وَوُصُول، وَأَعْضَاء وَفُصُول: أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ، وَأَصْلَدَهَا[89] حَتَّى صَلْصَلَتْ[90]، لِوَقْت مَعْدُود، وَأَمَد (أجَل) مَعْلُوم; ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ (فتمثلّت) [91] إنْساناً ذَا أَذْهَان يُجيلُهَا وَفِكَر يَتَصَرَّفُ بِهَا، وَجَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا[92]، وَأَدَوَات يُقَلِّبُهَا، وَمَعْرِفَة يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، والأذواق وَالْمَشامِّ، والألوان وَالاَْجْنَاس مَعْجُوناً بطِينَةِ الألوان المُخْتَلِفَةِ، والأشباه المُؤْتَلِفَةِ (المتفقة) والأضداد الْمُتَعَادِيَةِ، والأخلاط الْمُتَبَايِنَةِ، مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَالْبَلَّةِ وَالْجُمُودِ، وَاسْتَأْدَى[93] اللهُ سُبْحَانَهُ الْمَلائِكَةَ وَدِيعَتَهُ لَدَيْهِمْ، وَعَهْدَ وَصِيَّتِهِ إلَيْهِمْ، في الإذعان بالسُّجُودِ لَهُ، وَالخُنُوعِ (والخشوعِ) لِتَكْرِمَتِهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (اسْجُدُوا لآدم فَسَجَدُوا إلاَّ إبْلِيسَ)[94] اعْتَرَتْهُ الْحَمِيَّةُ، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الشِّقْوَةُ، وَتَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ، وَاسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ، فَأَعْطَاهُ اللهُ النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ ، وَاسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ، وَإنْجازاً لِلْعِدَةِ، فَقَالَ: ( إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ )[95] .
ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيها عَيْشَهُ، وَآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ، وَحَذَّرَهُ إبْلِيسَ وَعَدَاوَتَهُ، فَاغْتَرَّهُ[96] عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ، وَمُرَافَقَةِ الاَْبْرَارِ فَباعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ، وَالْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ، وَاسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ[97] وَجَلاً[98]وَبِالاِغْتِرَارِ نَدَماً. ثُمَّ بَسَطَ اللهُ سُبْحَانَهُ لَهُ في تَوْبَتِهِ، وَلقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ، وَوَعَدَهُ الْمَرَدَّ إلَى جَنَّتِهِ، وَأهْبَطَهُ إلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ، وَتَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ .
اختيار الأنبياء
وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ أخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ[99]، وَعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ (إيمانهم)، لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللهِ إلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَاتَّخَذُوا الأنداد[100] مَعَهُ، وَاجْتَالَتْهُمُ[101] (احْتَالَتْهُمُ) الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَاقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ، فَبَعَثَ فِيهمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ[102] إلَيْهِمْ أنْبِيَاءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِىَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ: مِنْ سَقْف فَوْقَهُمْ مَرْفُوع، وَمِهَاد تَحْتَهُمْ مَوْضُوع، وَمَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجَال تُفْنِيهمْ، وَأَوْصَاب[103] تُهْرِمُهُمْ وَأَحْدِاث تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ; وَلَمْ يُخْلِ اللهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِىٍّ مُرْسَل أَوْ كِتَاب مُنْزَل، أوْ حُجَّة لاَزِمَة، أَوْ مَحَجَّة[104] قَائِمَة: رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ، وَلاَ كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ: مِنْ سَابِق سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غَابِر عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ: عَلَى ذلِكَ نَسَلَتِ[105] الْقُرُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الآباء وَخَلَفَتِ الأبناء .
مبعث النبي
إلَى أَنْ بَعَثَ اللهُ سُبْحَانَهُ مُحَمَّداً رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله لإنجاز عِدَتِهِ[106]، وَإتْمَامِ نُبُوَّتِهِ، مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ[107]، كَرِيماً مِيلادُهُ. وَأَهْلُ الأرض يَوْمَئِذ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ، وَطَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ، بَيْنَ مُشَبِّه للهِ بِخَلْقِهِ، أَوْ مُلْحِد[108] في اسْمِهِ، أَوْ مُشِير إلَى غَيْرِهِ، فَهَداهُمْ بهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَأَنْقَذَهُمْ بِمَكانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ. ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّد صلى الله عليه وآله لِقَاءَهُ، وَرَضِيَ لَهُ مَا عِنْدَهُ، وَأَكْرَمَهُ عَنْ دَارِ الدُّنْيَا، وَرَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ الْبَلْوَى، فَقَبَضَهُ إلَيْهِ كَرِيماً صلى الله عليه وآله، وَخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأنبياء في أُمَمِها، إذْ لَمْ يَتْرُكوهُمْ هَمَلاً، بغَيْر طَريق وَاضِح، وَلاَ عَلَم قَائِم[109].
القرآن والأحكام الشرعية
كِتَابَ رَبِّكُم فِيكُمْ مُبَيِّناً حَلالَهُ وَحَرَامَهُ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ[110]، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَه[111]، وَخَاصَّهُ وَعامَّهُ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ[112]، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ[113]، مُفَسِّراً مُجْمَلَهُ، وَمُبَيِّناً غَوَامِضَهُ، بَيْنَ مَأْخُوذ مِيثَاقُ عِلْمِهِ، وَمُوَسَّع عَلَى الْعِبَادِ في جَهْلِهِ[114]، وَبَيْنَ مُثْبَت في الْكِتَابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُوم في السُّنَّةِ نَسْخُهُ، وَواجب في السُّنَّةِ أَخْذُهُ، وَمُرَخَّص في الْكِتابِ تَرْكُهُ، وَبَيْنَ وَاجِب بَوَقْتِهِ، وَزَائِل في مُسْتَقْبَلِهِ. وَمُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ، مِنْ كَبير أوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ، أَوْ صَغِير أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ، وَبَيْنَ مَقْبُول في أَدْنَاهُ، مُوَسَّع في أَقْصَاهُ .
ومنها في ذكر الحج
وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ، الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً للأنام، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الأنعام، وَيَأْلَهُونَ إلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ[115]، وَجَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلاَمَةً لِتَوَاضُعِهمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإذْعَانِهمْ لِعِزَّتِهِ، وَاخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إلَيْهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتَهُ، وَوَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائَـهِ، وَتَشَبَّهُوا بِمَلاَئَكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ. يُحْرِزُونَ الأرباح في مَتْجَرِ عِبادَتِهِ، وَيَتَبادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ، جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للإسلام عَلَماً، وَلِلْعَائِذِينَ حَرَماً، فَرَضَ حَقَّهُ وَأَوْجَبَ حَجَّهُ، وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ[116]، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[117] . | |
|